في عام 1977، شهد حي إنفيلد شمال العاصمة البريطانية لندن واحدة من أشهر وأغرب الحوادث الخارقة التي عرفها التاريخ الحديث. فقد عاشت عائلة هادجسون تجربة مرعبة داخل منزلها حين بدأت أصوات غريبة تضرب جدران البيت، وأضواء تتبدل وتنطفئ دون سبب واضح، ما أثار فزع العائلة وشعورهم بأن شيئًا غير مرئي يسيطر على المكان.
مع مرور الوقت، تصاعدت الأحداث بشكل درامي، إذ بدأ الأثاث يتحرك من تلقاء نفسه، وراحت الألعاب في غرف الأطفال تطفو في الهواء دون أي تدخل بشري. وبلغ الرعب ذروته عندما بدأت الابنة جانيت تتحدث بصوت غريب وعميق يدّعي أنه يعود إلى رجل يُدعى “بيل”، يُقال إنه توفي في ذلك المنزل قبل سنوات.
هذا التطور المذهل جذب اهتمام الشرطة والباحثين، الذين زاروا المنزل بأنفسهم وشاهدوا بعض الظواهر الغامضة، بل وتمكنوا من توثيقها بالصور والفيديوهات.
في ذروة الأحداث، تدخّل المحققان الشهيران إد ولورين وارن، المتخصصان في دراسة الظواهر الخارقة، وقاما بتوثيق الحالة بالتسجيلات والأدلة البصرية. وأكدا أن ما شهداه في منزل هادجسون يُعد من أقوى وأصدق الحالات الموثقة في التاريخ الحديث، داعيين إلى دراسة أعمق لفهم طبيعة هذه القوى الغامضة.
مع تزايد الأدلة وتداول الصور والفيديوهات التي تُظهر تحركات غريبة وأصواتًا غير مفسّرة، اتخذت التحقيقات طابعًا علميًا وجذبت اهتمامًا واسعًا من وسائل الإعلام والباحثين. توافد علماء ومتخصصون إلى المنزل في محاولة لإيجاد تفسير منطقي لما يجري، إلا أن معظم الملاحظات كانت تؤكد وجود قوة غير طبيعية تؤثر على المكان باستمرار.
العائلة نفسها روت تجاربها المفزعة، حيث كانت الأصوات والطرق تتكرر يوميًا، وأكد الجيران والأصدقاء أنهم سمعوا وشاهدوا حوادث مشابهة تحدث داخل المنزل.
وبينما رأى بعض الباحثين أن ما يحدث ربما يعود إلى أرواح عالقة أو طاقات روحية، حاول آخرون تقديم تفسيرات علمية تعتمد على فرضيات مثل الاهتزازات، أو التداخلات الكهربائية، لكنها لم تفسر الصوت الغريب الذي كان يصدر عن جانيت بدقة.
استمرت التحقيقات عدة أشهر، وازدادت شهرة القضية حتى أصبحت موضوعًا رئيسيًا في الصحف والبرامج الوثائقية، وجعلت من منزل إنفيلد مقصدًا للباحثين والمهتمين بعالم الماورائيات. كانت العائلة تعيش ليالي طويلة من الخوف والأرق بسبب أصوات خافتة، وضحكات غامضة، وأشباح تظهر في أرجاء المنزل بين الحين والآخر.
ورغم الكم الكبير من الأدلة الموثقة، لم يتمكن أحد من تفسير الظواهر بشكل قاطع. فبعض العلماء حاولوا قياس طاقات غير مرئية أو ترددات صوتية غريبة قد تفسر ما يجري، لكن لم تثبت أي فرضية منها بالدليل القاطع. ومع تزايد الأحداث الغامضة، ازدادت حالة العائلة سوءًا حتى اضطرت في النهاية إلى مغادرة المنزل مؤقتًا خوفًا على سلامتها.
بقيت حادثة منزل إنفيلد موضوع جدل واسع بين من يؤمن بأنها ظاهرة روحية خارقة، ومن يراها مجرد نتائج لعوامل علمية أو بيئية غير مفهومة بعد. ومع مرور الوقت، أصبحت القضية رمزًا لعالم الغموض ومصدر إلهام للعديد من الكتب والأفلام التي تناولت القصة.
حتى يومنا هذا، لا يزال سر منزل إنفيلد قائمًا دون تفسير نهائي، ليبقى شاهدًا على حدود المعرفة البشرية، ودليلًا على أن العالم لا يزال يخفي بين طياته ظواهر تتجاوز فهم الإنسان، تثير الخوف والدهشة، وتغذي فضول الباحثين في رحلة البحث عن الحقيقة.